من أجل الصحة


يُعرف الطب مصطلح "الصحة" بأنها قدرة الجسم للمحافظة على الاستقرار الداخلي من خلال التوازن أمام التأثيرات الخارجية المحيطة به مثل: الحرارة, البرودة, جراثيم, إصابات وغير ذالك. وليساعد الإنسان جسمه في الحفاظ على صحته السليمة استعمل منذ القدم وسائل عديدة التي كانت بدورها وسائل الطب الأولى.
خلال عصور ما قبل التاريخ تعلم الإنسان من خلال التجارب والمشاهدة عن فوائد النباتات وتأثيرها على شتى أنواع الأمراض. هذه التجربة انتقلت من جيل لآخر وتطورت لطب شعبي التي شملت أيضا اللجوء إلى قوات خارقة, ساد الاعتقاد أنها المسئولة عن الطب والأمراض.
على الرغم من ان الطب كان يدرس بشكل منتظم في مصر القديمة, إلا أن "هيبوكراتس" الملقب "أبو الطب" والذي عاش في اليونان خلال القرن 5 ق.م, يعتبر مؤسس الطب العلمي الحديث. فقد ارتكز في سبل الطب التي استعملها آنذاك على المشاهدات, التجارب والاستنتاجات العلمية, التي تمحورت حول الفكرة بان المرض هو حال طبعي وليس عقاب ألاهي.

الشعوذة والطب
في المجتمعات الوثنية المسئولية عن الصحة والمرض كانت بيد العديد من الآلهة. "إسكليبيوس" كان ألاه الطب عند اليونان والرومان ورمزه – الأفعى الملتفة حول العصا, والذي لا نزال نراه رمزا للطب في أيامنا هذه. الأفعى حيوان سحري اعتبر ذو قدرة على العلاج ولذا كان رمزا للطب والدواء.
الشعوذة كانت إحدى الوسائل التي شاع استعمالها في سبيل الطب والعلاج ولحماية الإنسان من الأمراض. كتب السحر على ورق البردة, الأطباق, المخطوطات واللوحات وكان هدفها إبعاد الأرواح الشريرة عن المريض او جلب الأرواح الصالحة لحمايته.
الأرواح والجن ذكرت في التوراة والتلمود, إلا أن الطب والعلاج دائما كانت بيد الله, الذي وفقا للأيمان اليهودي يمرض ويشفي. وعلى الرغم من أن الشعوذة والسحر كانت ممنوعة إلا انه ساد استعمال التميمة بحالات محددة.
النظافة
أرتبط مصطلح النظافة باسم آلهة النظافة "هيجييا" (היגיאה) وهي أيضا أبنت آله الطب "أسكليبيوس". الوقاية من الأمراض كانت أحدى السبل المنتشرة جدا في العالم القديم للحفاظ على الصحة وغالبا ما كان السبيل لذلك من خلال النظافة الشخصية والعامة.
النظافة الشخصية على سبيل المثال, شملت منع الطفيليات في شعر الرأس من خلال الاستحمام بالصابون, تسريح الشعر ومسحة بالزيت أو تكحيل العينين بالكحل الخاص الذي منع الذباب, الجفاف أو الجفاف والحر الصحراوي.
الاستحمام كان شائع جدا والدليل على ذلك, قصة "بات شيبع" الواردة في التوراة وهي تستحم على سطح المنزل. عند البعض من الديانات, فرضت النظافة كواجب ديني غالبا من خلال الوضوء قبل الصلاة أو بعد الشفاء من الأمراض.
الحمامات العمومية التي بدأت خلال الفترة الهيلانية, وصلت الى ذروة انتشارها خلال الفترة الرومانية والتي شملت أيضا مكان لاستقبال الجمهور. مثل تلك الحمامات نجدها في مدينة داهود بالقدس خلال العصر الحديدي الأول في المنازل الخاصة.
المدن القديمة شملت أيضا انابيب لتصريف المجاري وأما خلال العصور الوسطى فقد شاع استعمال "القعادة" التي تشبه جدا تلك المستعملة في أيامنا.
أما في التوراة, فنجد العديد من الأسفار المرتبطة بالتدنيس, الطهارة والحلال والتي جميعها مرتبطة بالنظافة إلى جانب كونها وصايا ألاهية.
"هيبوقراطس" اليوناني الأصل وأيضا "الرمبام" اتبعوا الوقاية المتعلقة بالتغذية, الرياضة البدنية, النظافة والراحة.
وسائل العلاج
نجد الدلائل لوسائل الطب القديمة في الكتابات, التحف الثرية وبقايا العظام أيضا. آثار لأزمات موزمنة ومؤلمة التي تعافى منها المريض نجدها على هيكل عظمي للإنسان القديم من النوع المعروف "ناندرتال" والذي عثر عليه في إيران يعود إلى حوالي 70,000 عام قبل أيامنا. يعتبر هذا الهيكل دليلا إلى أن المجتمع آنذاك ساند وعالج المريض حتى تعافى تماما. كذلك نجد على الجماجم التي يعود تاريخها إلى ما قبل 7000 عام, آثار جراحات طبية أجريت بهدف شفاء المريض من الألم أو لطرد الأرواح وفقا لعقائد قديمة كانت شائعة. وصف للأجهزة الطبية القديمة نجدها في قبور الأطباء المصريين والرومان كذلك في الكتابات اليونانية والرومانية القديمة وهي تشمل أجهزة متنوعة من سكاكين العمليات, أجهزة لفصل العظام, ملقط وعصى لاستخراج الأجسام الغريبة من جسم المريض.
أكثر وسائل العلاج الشائعة آنذاك, كانت المواد المستخرجة من الطبيعة. الأكثر شيوعا من بين النباتات كان البلسم والذي ذكر في التوراة, والذي عرفه الكاهن "سعادية جائون" بأنه مصل يستعمل للوفاء من الموت: الإسفلت وماء الملح استعملا للطب والتحنيط. في كتابات الحكماء القديمة (חז"ל) نجد أشلاء حيوانات استعملت للطب من بينها الأفعى.
كذلك فان الحمامات العمومية خصصت للطب. فقد عرف القدامى خصائص ينابيع المياه الساخنة الطبيعية في التخفيف عن الجسم والروح وكوسيلة علاج ضد أمراض الجلد, الضعف أمراض الأعصاب والجنس.
إضافة إلى المواد الطبيعية شاع استعمال الحجامة الطبية التي عرفها اليونانيون منذ القرن الثالث ق.م.
المعالجون والأطباء
العقيدة وفقا للتوراة بأن الألاه هو الطبيب والشافي الأعلى ارتبطت مع ذكر الأطباء القديمة بإشكالات سلبية. هذا الأتجاه السلبي استمر أيضا في كتابات "المشناة" (משנה) من الفترة البيزنطية, حيث ورد ذكر العبارة: "أفضل الأطباء مكانه جهنم" أما الحكماء من الفترة الرومانية المعروفين بأسم "התנאים" فقد كان اتجاههم ايجابيا أكثر حيث يرد في كتاباتهم عبارة "والطبيب يعالج" بمعنى ان للطبيب صلاحية العلاج كما ان بعض الكتابات الدينية الأخرى رأت بالطب عمل خير واعتبرت الطبيب مبعوث من عند الله.
أما الاختصاصات بالمجالات الطبية المختلفة, نجدها عند المصريين القدامى والتي يشير إليها المؤرخ اليوناني "هيرودوتوس": كل طبيب اختصاصه مرض واحد وليس للعديد من الأمراض..., البعض منهم لطب العيون, البعض للرأس والبعض منهم للأمراض الغير مرئية" كذلك عرفنا عن العديد من الأطباء عند اليونان وروما الذين اختصوا بمجال الأسنان, العيون وأمراض النساء. كذلك كان هنالك أطباء مقسمين وفقا لمناطق عملهم مثل: طبيب الملك, طبيب الجيش, الطبيب العام للشعب, طبيب للعبيد أو للأحرار.
أما الألقاب الطبيب الكبير أو المسئول عن الأطباء, فهي تعكس الدرجات الإدارية بين الأطباء والتقسيم الإداري الذي كان متبعا في الحضارات القديمة في مصر, اليونان وروما
ظهر


الحديقة الاثرية في القدس جمعية أصدقاء السلطة ترميم المعالم المبنية ألاخبار الاثرية في الانترنيت
Websites, texts and photos © Israel Antiquities Authority